ظمت فضائية وإذاعة إري سات المستقلتان، ملتقى إعلاميا في الحادي عشر من شهر يونيو 2022، بمشاركة كوكبة
من المبدعين الإرتريين في الخارج، وحضور مشرف من مشاهدي ومستمعي إري سات، عبر منصة الزوم.
كما شارك في فعاليات الملتقى من أسمرا، السفير/ استيفن وولكر، المسؤول التنفيذي في السفارة السفارة الأمريكية هناك. حيث شارك بكلمة قوية وصريحة، كما أجاب على تساؤلات الزميلين/ ليلى خالد أبرا، والزميل/ هينوك تخلي، وكذلك على التسآؤلات المقدمة إليه، من الجمهور المشاهد والمستمع. تعميما للفائدة وتوثيقا للحدث، نتشرف بنشرها مجددا. فإلى مضابط اللقاء:
ليلى
شكرا لك، القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية في إريتريا، السيد ستيفن والكر. اسمحوا لنا أن نعبر عن امتناننا لمشاركتكم في هذه الفعالية، وللموقف الذي اخترتموه الى جانب شعبنا المضطهد.
نود أن نؤكد لك أن حديثك في هذه الفعالية والرسالة العميقة التي شاركت بها هي مصدر أمل للعديد من الإريتريين، كما نقدر العمل الذي قمت به أنت ومكتبك وتقوم به في ظل ظروف صعبة. اسمح لي أن أنقل اليك مباشرة الأسئلة التي وصلتنا من الجمهور.
في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي ستة ملايين نسمة، هناك شخص يمكنه أن يعكس أفكاره ومفاهيمه للناس دون قلق، وهو أنت. كيف تشعر أن تكون الشخص الوحيد الذي لديه هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان؟ ما مدى صعوبة العمل في بلد يُحرم فيه جميع السكان من حرية التعبير التي تمارسها لوحدك؟
ستيفن،
بادئ ذي بدء، أرجو وضع المشاكل التقنية في الاعتبار، إريتريا بلد جميل وأنا أحبه من صميم قلبي، لكن هناك الكثير من المشاكل عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا والإنترنت. على أي حال، أود أن أقول إنني سعيد بحضور فعاليتكم من أسمرة.
للإجابة على سؤالك، اسمحوا لي أولاً أن أقول شيئًا عن شعب إريتريا. الإريتريون شعب طيب. إنهم أذكياء ومجتهدون، وكما لاحظت، بعد أن عملت في بلدان مختلفة، فإن الإريتريين محبون ومتواضعون من ناحية وقويون وفخورون من ناحية أخرى. إنهم فخورون بحبهم لبلدهم ويقدرون التضحيات والصعوبات التي مروا بها من أجلها.
باختصار، الإريتريون كشعب يعرفون من هم. وهذا ما يجعلهم شعب فريد من نوعه. إريتريا بلد جميل للغاية بموقعه على البحر الأحمر وجمال مدينتها مما يجعل منها وجهة جاذبة للمسافرين. إن المسافة من أديس أبابا الى أسمرا تستغرق حوالي ساعة بالطائرة، وأعتقد أن المسافرين المتجهين إلى أديس أبابا قد يرغبون أيضا زيارة هذا البلد في طريقهم.
ولكن للإجابة على سؤالك حول ما أشعر به، أود أن أقول إنني أشعر بحزن عميق لرؤية إريتريا وشعبها بكل إمكانياتهم ومؤهلاتهم، أن أراهم محرومي الحقوق ومقيدي الحريات. عندما ترى الإريتريين محرومين من حقوقهم الأساسية وغياب سياسة اقتصادية واضحة في البلاد، فيما يتم استغلالهم لفترة طويلة في الخدمة الوطنية التي لا نهاية لها، حقا أشعر بحزن عميق لأنهم حرموا من الاعتراف الذي يستحقونه كشعب بكل قدراته.
ليلى
على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وُصِفَت الحكومة الإريترية باستمرار بأنها تنتهك حقوق الإنسان. وتقوم وزارة الخارجية الأمريكية بتضمين هذه الانتهاكات في تقريرها السنوي. ومع ذلك، فإن السفارة الأمريكية في إريتريا لم تتهم الحكومة الإريترية علانية بهذه الانتهاكات. لكن منذ تعيينك قائما بالأعمال في السفارة الامريكية في أسمرة منذ حوالي عام، بدأت تتحدث بصوت عال مع الحكومة الإريترية حول هذه الانتهاكات.
لماذا، بعد سنوات من الصمت، اختارت سفارة الولايات المتحدة الآن مثل هذه المشاركة. هل هو نابع من إيمانك القوي بحقوق الإنسان أم أنه تغيير في سياسة الولايات المتحدة؟
ستيفن،
بادئ ذي بدء، أنا لا أتفق مع الادعاء القائل اختيارنا الصمت لمدة 30 عامًا. لم تتوقف الولايات المتحدة عن الإبلاغ وإصدار البيانات الرسمية حول الانتهاكات الجارية في إريتريا خلال العامين الماضيين. كما قمنا، بالاشتراك مع الهيئات الدولية، بالعمل من أجل حمل الحكومة الإريترية لتحسين سلوكها.
في عامي 2019م و2011م، دعمنا عقوبات مجلس الأمن الدولي الصادرة ضد الحكومة الإريترية بسبب الانتهاكات التي ترتكبها داخل ارتريا، وكذا أنشطتها في خلق التوترات الإقليمية.
كما أننا نواصل العمل الدبلوماسي خلف الأبواب المغلقة. نبذل بعض الجهود الدبلوماسية غير المعلنة. كانت هناك محادثات مغلقة بين المسؤولين وممثلي الحكومتين الإريترية والأمريكية. وكان لممثلوا الحكومة الأمريكية الذين شغلوا هذا المنصب قبلي نفس رغبتي في تحسين حالة حقوق الإنسان في إريتريا.
وحول ما ذا تغير الآن! لقد بات تورط إريتريا في الحرب في شمال إثيوبيا مصدر قلق كبير للولايات المتحدة. أصبحت الحكومة الأمريكية قلقة ليس فقط بشأن الانتهاكات التي ترتكبها الحكومة الإريترية داخل البلاد، ولكن أيضًا بسبب الانتهاكات التي ترتكبها قواتها في شمال إثيوبيا. أفادت عدة تقارير دولية بأن الجيش الإريتري ارتكب فظائع خطيرة في شمال إثيوبيا. أنني أتفهم الثمن الذي يمكن أن يدفعه الإريتريون من أجل بلدهم والدفاع عن وطنهم، وأعلم أنه يؤلمهم أن يسمعوا بأن جيشهم قد ارتكب مثل هذه الجرائم، وكنتُ أرى كيف أن أي أمريكي لم يكن يقبل بادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان من قبل القوات الأمريكية في حرب العراق. ومن المناسب أن نفهم أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تحدثُ أثناء أي حرب. لقد رفض وزير الإعلام في الحكومة الإريترية بشدة التقارير والبيانات التي تزعم انتهاكات الجيش الإريتري في شمال إثيوبيا، مدعيا أنها تهدف فقط إلى التشهير بإريتريا وقواتها. لكن الانتهاكات المنسوبة الى الجيش الارتري قد حدثت بالفعل، مذبحة أكسوم، على سبيل المثال، مؤكدة.
لقد نشرت العديد من وسائل الإعلام المعتبرة والهيئات الدولية المعروفة مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش مقالات وتقارير مستفيضة حول الانتهاكات المزعومة التي ارتكبها الجيش الإريتري. لكن وزير الإعلام الإريتري نفى جميع المزاعم، قائلاً إن كل من واشنطن بوست ورويترز ونيويورك تايمز وغيرها كلها وكالات تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية. هذا غريب جدا. فلندع هذه التقارير جانبا، لقد وثقت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية الانتهاكات المزعومة التي ارتكبها الجيش الإريتري. إضافة الى إبلاغ المدعي العام الإثيوبي بهذه الانتهاكات، وحتى الأمم المتحدة ذاتها.
إنني أقول هذا مع الإقرار بأن جميع الأطراف التي شاركت في الحرب قد ارتكبت انتهاكات. أنا لا أقول إن الجيش الإريتري هو وحده الذي ارتكب أي انتهاكات. أؤمن بأن جميع المشاركين في الحرب سيحاسبون على جرائمهم وسيقدمون إلى العدالة. وأود أن أشير إلى أن العمل جار لإيجاد حلول لهذه القضية من خلال القنوات دبلوماسية المغلقة والمفتوحة.
وهنالك سبب آخر جعلني أن اتحدث بصوت عالٍ مع الحكومة الإريترية وهو المعلومات المشوهة حول سياسات وممارسات الولايات المتحدة التي تصدر من قبل وزير الإعلام الإريتري. وانني أعمل بجد لدحض هذه المعلومات، ولضمان أن يكون لدى الإريتريين في الداخل والخارج فهم واضح لسياسة حكومة الولايات المتحدة.
وبصفتي ممثلا لشؤون للولايات المتحدة في إريتريا، أعتقد أن هذه من مسؤوليتي المباشرة، وسأواصل القيام بها بقوة. ليس بالضرورة قبول كل ما سأقوله، ولكن يجب أن نشعر بالمسؤولية لقول الحقيقة بطريقة محترمة، وهذا هو مفهوم حرية التعبير، ومع أي حرية يجب أن تكون هناك مسؤولية. لذلك فإن المعلومات التي ننشرها على صفحاتنا بالفيسبوك هي دقيقة وواضحة، وليس من خياراتنا نشر معلومات مغلوطة ودعائية.
هينوك
شكرًا لك، القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة ستيفن والكر. أنا هينوك تكلي، المدير التنفيذي لإريسات، والسؤال التالي الذي أريد أن أطرحه عليك، كما تعلم، قامت الحكومة الارترية في العام 2001م باعتقال 15 من كبار السياسيين في البلاد، و11 صحفيًا ممن كانوا يعملون في الصحف الخاصة، وكذلك السيدان كيفلوم جبريمائيل وعلي الأمين، وهم من موظفي السفارة الأمريكية في أسمرا، ولا توجد أي معلومات حول هؤلاء ولا عن أماكن وجودهم، ما هي الجهود التي بذلتها السفارة الامريكية لإنقاذ هؤلاء، خاصة موظفيها؟
ستيفن
كما ذكرت سابقًا، فان جميعً من يتابعون صفحة سفارتنا على الفيس بوك، يلاحظون بلا شك بإننا نذكر باستمرار السياسيين والصحفيين وموظفي السفارة المسجونين، كما نوجه النداءات والدعوات الى الحكومة الإريترية لإيجاد حل. وقد أشرتُ في كلمتي في هذه الفعالية إلى أسماء الصحفيين المسجونين. وكما قلت، فان العمل لحل المشكلة لا يزال مواصلا عبر القنوات الدبلوماسية غير المعلنة، ولا أستطيع القول إلى أي مدى تم الوصول بهذا الخصوص، لكنني أريد أن أبقي عيناي مفتوحتين وأخبركم أننا لم ننسى ولن ننسى جميع الإريتريين الذين سُجنوا لسنوات دون محاكمة بسبب مواقفهم السياسية أو دياناتهم ومعتقدات أو التعبير عن أراءهم.
ليلى
سؤال آخر ورد الينا من المتابعين وهو ما نوع الدعم الذي من المرجح أن يحصل عليه دعاة الديمقراطية داخل إريتريا وخارجها من قبل حكومة الولايات المتحدة. وكيف يمكننا العمل معا من أجل ضمان بيئة ديمقراطية في إريتريا، وكذلك الاستقرار في منطقتنا؟
ستيفن،
إن مستقبل إريتريا لا يقرره إلا الإريتريون. شكرا على سؤالك!
هينوك،
تعد إريتريا واحدة من أفقر دول العالم، ويعيش غالبية سكانها في فقر مدقع. لماذا، غابت حكومة الولايات المتحدة عن تقديم المساعدة الإنسانية للشعب الإريتري في محنته. كما نعلم، فان الولايات المتحدة تقدم مساعدات إنسانية للعديد من البلدان!؟
ستيفن
إنه سؤال مهم. صحيح أننا لا نرسل مساعدات إنسانية مباشرة إلى إريتريا وذلك لسببين. الأول أنه لا يوجد طلب من قبل إريتريا، والثاني هو أن الحكومة الإريترية قامت بطرد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، فإن المساعدات الإنسانية التي يمكننا إرسالها مباشرة إلى إريتريا محظورة. ومع ذلك، وبما أن موقفنا هو مساعدة شعب إريتريا، فإننا لم نتوقف عن تقديم المساعدة بشكل غير مباشر أو من خلال أطراف أخرى.
لا أريد الخوض في التفاصيل حتى لا أضيع عليكم الوقت، لكن حكومة الولايات المتحدة تقدم مساعدات مالية وعينية للعديد من برامج وكالات الأمم المتحدة التابعة لها في إريتريا. والولايات المتحدة هي واحدة من قادة ورعاة وكالات الأمم المتحدة مثل المفوض السامي لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسيف. وهذه المنظمات تعمل جاهدة لدعم الإريتريين في الداخل والخارج. تقدم الولايات المتحدة أيضًا تمويلًا كبيرًا لبرنامجين رئيسيين للأمم المتحدة يعملان على توفير لقاحات الأمراض المعدية، والتي تستفيد منها إريتريا. والتغطية المرضية للتحصين ضد الأمراض المعدية في إريتريا هي مثال على ذلك. كما دعمت الولايات المتحدة، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حملة مكافحة الجراد في شرق إفريقيا لمساعدة جيران إريتريا على محاربة غزو الجراد.
هينوك،
كان هناك حوالي 100،000 لاجئ إريتري في إقليم تيغراي. هؤلاء اللاجئون في خطر دائم لأنهم عالقون بين القوى المتصارعة في المنطقة. بما أنه لم يتم اتخاذ أي خطوات لنقل هؤلاء اللاجئين إلى بلد ثالث آمن، فهل لدى حكومة الولايات المتحدة أي خطط لنقل هؤلاء اللاجئين إلى بلدها أو إلى دول أخرى من خلال عملية إعادة التوطين؟
ستيفن،
ليس لدي معلومات واضحة عن تصرفات الحكومة الأمريكية وخططها لمعالجة مشكلة اللاجئين الإريتريين. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة هي واحدة من أوائل الداعمين للمفوضية، وهناك وكالة للاجئين تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية، لذلك تعمل المفوضية عن كثب مع المفوضية وتقدم المساعدة المالية والعينية للمساعدة في معالجة محنة الإريتريين في تيغراي وأجزاء أخرى من إثيوبيا.
إضافة الى هذا، فان سفارتنا في أديس أبابا تعمل أيضًا مع سفارتنا في القاهرة لضمان سلامة اللاجئين الإريتريين في ليبيا. بشكل عام، قدمنا 150 مليون دولار للمفوضية لمساعدة القرن الأفريقي وشرق إفريقيا. ومهما يكن من أمر، فالولايات المتحدة تعتقد أن الحرب في إثيوبيا أدت إلى نزوح المزيد من اللاجئين الإريتريين، وأود أن أقول إنها تقوم بعمل فخور في تقديم المساعدة الإنسانية الكافية.
ليلى
اتهمت الحكومة الإريترية الولايات المتحدة ووكالة المخابرات المركزية بأنهما سبب كل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للشعب الإريتري على مدار الثلاثين عامًا الماضية. نتيجة لذلك، تكونت لدى العديد من الإريتريين نظرة سلبية تجاه الولايات المتحدة، وفقدوا الثقة في الحكومة الأمريكية. هل هناك أي جهد من قبلكم لمعالجة عدم الثقة هذه؟ وهل لعبت الولايات المتحدة أي دور في حرمان الإريتريين من مصادر رزقهم كما تزعم الحكومة الإريترية؟
ستيفن،
لقد فعل مسئولو الحكومة الإريترية الكثير في نشر معلومات مضللة حول هذه القضية، ومحاولة تشويه السياسة الأمريكية تجاه إريتريا. حتى أنهم حاولوا أن يغرسوا في أنظمتهم التعليمية والتعليم السياسي في معسكر تدريب سوا، مفاهيم تضع الولايات المتحدة في موضع عدو للشعب الإريتري. لا يمكن القول بعدم تأثير سلبي لهذا الاسلوب على فهم الشعب الإريتري. الحقيقة هي أنه ليس كذلك. حيث تكمن المشكلة في عدم تمكين الجمهور بخيارات فهم الحقيقة. حرم الشعب من المنابر الحرة تساعده على عدم الوقوع تحت تأثير الاتهامات التي صاغتها الحكومة الإريترية ضد امريكا.
في تقديري، لم يكن الافتراء الذي طال أمده من قبل الحكومة الإريترية ناجحًا تمامًا. ولو كانت قد نجحت، لما كانت هناك بدائل إعلامية مثل ERISAT التي تساعد على التغلب على مثل هذه الأكاذيب فك حظر المعلومات التي تفرضها الحكومة الارترية. لذا ما يمكنني فعله هو كشف المعلومات الصحيحة وتصحيح المعلومات المشوشة من قبل الحكومة الإريترية، ودحر المعلومات المشوهة التي يقدمها وزير الإعلام في إريتريا.
للإجابة على سؤالك الثاني، أعتقد أننا يجب أن نتطلع إلى المستقبل. أنا متأكد من أننا لا نستطيع جميعًا أن نكون سعداء بما حدث في الماضي ولا يكاد يكون هناك أي ثمار يمكن جنيها حتى بعد إجراء محاسبات طويلة. لكن الأحسن والأفضل لا يمكن تحقيقهما إلا إذا استطعنا أن نتطلع إلى الأمام.
يجب أن نقول كيف يمكننا العمل معًا وضمان مستقبل أفضل لإريتريا في الوقت الحالي. كثيرًا ما أشعر بالقلق لأنني أسمع مسؤولين في الحكومة الإريترية يكررون الخطأ الذي وقع قبل 70 عامًا بشأن تصريح جون فوستر دالاس لعام 1951، والذي كان في نظر العدالة أن تحصل إريتريا على الاستقلال، ولكن ومن أجل المصلحة الوطنية الأمريكية، دعمنا الوحدة مع إثيوبيا. أفهم أن الإريتريين لديهم ضغينة بشأن الخطأ الذي تم ارتكابه في ذلك الوقت من قبل أمريكا. لكن في ذلك الوقت كانت بداية الحرب الباردة وكان إنشاء معسكر قاعدة قانيو في أسمرة أهم من أي موضوع آخر، واتخذنا هذا القرار في ذلك الوقت لتحقيق هذه المصلحة الوطنية. كنا أيضًا في حالة حرب مع إيطاليا واليابان قبل 70 عامًا، أما الان فانه واضح للجميع نوع التحالفات الذي نحن فيه الآن.
لكن مسؤولي الحكومة الإريترية، مثل وزير الإعلام، يوجهون اتهامات خاطئة بأن الولايات المتحدة تعمل ضد إريتريا منذ الخمسينيات حتى يومنا هذا. لقد رحبت الولايات المتحدة باستقلال إريتريا في أوائل التسعينيات وعملت مع إريتريا في السنوات الأولى. كما زار وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد وهيلاري كلينتون أسمرة. في السنوات الأولى من الاستقلال، دخلت وكالات المعونة الأمريكية إريتريا وبدأت عمليات عسكرية مشتركة. لذلك تم تجاوز تبعات القرار الذي تم اتخاذه في الخمسينيات من القرن الماضي بالشراكة والتقارب في التسعينيات. يجب أن نفهم أن علاقتنا مع إريتريا كانت متقلبة، وأن القضية التي فصلتنا فيما بعد عن الحكومة الإريترية ليست سراً على أحد. لقد اختلفنا مع الحكومة الارترية عندما بدأت في تعطيل العمل السياسي واعتقال السياسيين، والصحفيين، وتغييب الحقوق، والحريات.
حوالي عام 2005م، وحين بدأت ارتريا في أنشطة من شأنها زعزعة إقليم افريقيا، قررت الولايات المتحدة، إلى جانب دول غربية أخرى، فرض عقوبات على ارتريا التي تدعمها العديد من الدول الأفريقية. ثم أخيرًا، فرضنا عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على أربعة هياكل وعلى الحكومة واثنين من كبار المسؤولين العسكريين للحد من تدخل الحكومة الإريترية وانتهاكاتها في الحرب الأهلية الإثيوبية.
ادعاء آخر للمسؤولين الإريتريين هو غياب الدور الأمريكي في قضية بادمي والقرار التنفيذي للجنة الحدود الإثيو-إريترية. قضية بادمي معقدة للغاية وتم تفسيرها بشكل مختلف من قبل جميع الأطراف. جمعت لجنة الحدود، التي تأسست بعد اتفاق الجزائر، الأدلة من كلا البلدين وفي عام 2002 اتخذت قرارًا ملزمًا ونهائيًا بأن بادمي والمناطق المحيطة بها تنتمي إلى إريتريا. تؤمن الولايات المتحدة أنه يجب على البلدين الالتزام بالقرار.
هينوك
يُعتَقدُ إن الولايات المتحدة تعمل باهتمام من أجل تأمين وضمان الاستقرار في القرن الأفريقي. فيما يتهم الكثيرون الحكومة الإريترية بأخذ زمام المبادرة من أجل إعاقة ذلك. لقد لعب التدخل العسكري المفتوح الأخير للحكومة الإريترية في حرب تيغراي دورًا كبيرا في تفاقم الأزمة الإنسانية التي سببتها الحرب. فيما يقول آخرون إن الولايات المتحدة تتجاهل الفظائع التي ارتكبها النظام الارتري، فما هي السياسة أو الإستراتيجية التي تتبعها الولايات المتحدة لكبح هذه الفظائع؟ باختصار، هل لدى الولايات المتحدة خط أحمر لا ينبغي للنظام في إريتريا تجاوزه؟
ستيفن
تعمل حكومة الولايات المتحدة، بشكل مباشر ومن خلال مبعوثها الخاص في المنطقة، بلا كلل لتشجيع جميع القوى المتصارعة على وقف القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات. كما قلت سابقًا، تبذل سفارتنا في أسمرة وأديس أبابا، بما في ذلك المبعوث الأمريكي الخاص إلى المنطقة، جهودًا متواصلة لحل المشكلة سلمياً واحتواء الأزمة الإنسانية الحاصلة. إحدى الأدوات الرئيسية التي نستخدمها لتحقيق ذلك هي الدبلوماسية. لقد جاء المبعوث الامريكي الخاص فلتمان إلى أسمرة في مايو من العام الماضي، واجتمعنا سويًا مع الرئيس أسياس أفورقي. وقد استمعنا الى وجهة تنظر الحكومة الإريترية للوضع، ومخاوفها وحلولها.
نحن أيضا أوضحنا وجهة نظرنا وفهمنا. كما حاولنا إقناع إريتريا بسحب قواتها من الحرب. لأننا لا نعتقد ان وجود الجيش الاريتري في اثيوبيا التي مزقتها الحرب سيجلب اي فوائد غير زيادة الامور سوءا وتفاقم الازمة الانسانية.
الأداة الثانية هي العقوبات. كان هناك مرسوم رئاسي وقع عليه الرئيس بايدن أواخر العام الماضي. ويسمح المرسوم الرئاسي بفرض عقوبات صارمة على الأطراف أو الأفراد الذين يعملون على منع التوصل إلى حل سلمي للحرب الأهلية الإثيوبية. إن الإجراءات التي تم اتخاذها ضد أربع مؤسسات إريترية، اضافة الى الحكومة واثنين من المسؤولين العسكريين هي مثال على ذلك.
ليلى
كما هو معروف، فإن العديد من النشطاء الإريتريين منتشرون في المنفى ويعملون على إحداث تغيير ديمقراطي في إريتريا، كيف، تعتقد أن هذا، سيؤثر على المصالح الأمريكية!
ستيفن،
مرة أخرى، لا يمكن إلا للإريتريين تقرير مستقبل إريتريا.
هينوك،
إريتريا من بين الدول الخمس التي لم تعارض الغزو الروسي لأوكرانيا. في هذا الصدد، تبدي روسيا والصين اهتمامًا كبيرًا بالبحر الأحمر ويعملان لضمان وجودهما في المنطقة. كيف سيؤثر هذا، إلى جانب التقارب المتزايد للحكومة الإريترية مع البلدين، على المصالح الأمريكية في المنطقة؟
ستيفن،
للإجابة على هذا السؤال، اسمحوا لي أولاً أن أشرح السياسة العالمية للولايات المتحدة. تؤيد الولايات المتحدة السلوك الدولي الذي تحكمه قواعد القانون. لقد دعمنا دائمًا المبادئ التي تمثل القانون أو الاتفاقيات الدولية، والمأسسة والشراكة التي تحكمها هذه المبادئ. هذه هي الصورة العامة للسياسة العالمية للولايات المتحدة. عندما يتعلق الأمر بأفريقيا، تتمتع الولايات المتحدة بتاريخ جيد في تعزيز التنمية الاقتصادية والحكم الرشيد وحقوق الإنسان. نحاول أن نرى البلدان الأفريقية كشركاء. نحن سريعون في العمل مع هؤلاء الشركاء بشأن أولويات مثل الصحة وتغير المناخ وما إلى ذلك. وكما نحترم هذه الشراكة مع الدول الأفريقية، فإننا لا نمنع تلك الدول من الارتباط بدول قوية أخرى وإقامة شراكات مماثلة. نحن لا نطلب من شركائنا أن يختاروا إما نحن أو روسيا والصين. نعتقد أن جميع الدول الأفريقية، بما في ذلك إريتريا، دول ذات سيادة وفخورة ولا نحاول السيطرة على علاقاتها الثنائية.
هذه هي الحقائق، لكن لدي مخاوف مماثلة بشأن النقطة التي أثرتها. إنه لأمر صادم أن تختار الحكومة الإريترية دعم دولة محتلة والتعامل معها. صوتت الحكومة الإريترية بـ “لا” ووقفت إلى جانب روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. بينما حتى الصين حافظت على صوتها. في البداية اعتقدت أن هناك خطأ في إعلان النتائج. كيف يمكن لإريتريا أن تدعم روسيا التي تغزو أوكرانيا الضعيفة لأنها قوية؟ إنه شيء لا تعتاد عليه أبدًا. كيف يمكن للحكومة الإريترية أن تدعم غزو دولة ضد أخرى في حين أن إريتريا جزء من المجتمع الدولي الذي يعمل من أجل سيادة القانون والتعايش السلمي؟
نرى وزير الإعلام الإريتري وهو يدلي بتصريح مطول حول الموقف الأمريكي من إريتريا، الإعلام الإريتري نشر التضليل الذي قدمته الحكومة الروسية. لكن لا يمكنني أن أفهم أبدًا سبب دعم الحكومة الإريترية لروسيا التي تطلق الصواريخ على المدنيين والبنية التحتية في أوكرانيا.
ليلى
أنت تتحدث إلينا اليوم من مدينتنا الجميلة أسمرة، كيف هو وضع COVID-19 من خلال ملاحظاتك! هل تعتقد أنه تحت السيطرة؟
ستيفن،
أنا لست متخصصًا في الصحة! لكن، من ملاحظاتي، يمكنني القول إن الوضع الحالي لـ COVID-19 جيد. في الواقع، بينما ننتقد الحكومة الإريترية في مجالات مثل حقوق الإنسان وغيرها، فإننا نقدر نهج الحكومة لاحتواء أزمة COVID-19. من المناسب الاعتراف بالعمل الجيد. على الرغم من أننا لا نفهم سبب قيام الحكومة الإريترية بمنع دخول لقاحات COVID-19 إلى إريتريا، إلا أننا نعتقد أنه تم القيام بعمل مُرضٍ للوقاية من المرض. ومن الجدير بالثناء أيضا أن حكومة إريتريا قد خفضت بشكل كبير معدلات وفيات الأمهات والرضع أثناء الولادة وبعدها. علاوة على ذلك، يرجع الشكر أيضًا إلى الحكومة الارترية كون أن معدل تطعيم الأطفال في إريتريا هو الأعلى مقارنة بالدول الأفريقية الأخرى. كما حققت الحكومة نجاحًا كبيرًا في ضمان حقوق المرأة والمساواة.
بالإضافة إلى ذلك، يتم العمل لاحترام التنوع الثقافي والتراثي والديني للمجموعات العرقية في إريتريا بشكل كبير. إنه لمن دواعي السرور أن نرى أن الديانات الأربع مسموح بها واحترام بعضها البعض في إريتريا. لكن ما نحتاج إلى تمييزه هنا هو أن هناك تعددية دينية في إريتريا، لكن ليست حرية دينية. إنها جريمة في إريتريا أن يتبع الناس الدين الذي يرتدوه لانفسهم. لهذا السبب، ندعو حكومة إريتريا إلى زيادة التحسينات في حرية التدين كما حققتها في احترام التنوع الثقافي والديني.
هينوك،
تلفزيون إيريسات من وسائل الإعلام المعارضة، فهل من عواقب كونك ظهرت على هذه القناة، خصوصا من الحكومة الاريترية؟ لأن الكثير من مؤيدي الحكومة يطالبون بإلغاء إعتمادك، وترحيلك! هل تلقيت أي تحذير من وزارة الخارجية الإريترية بخصوص مشاركتك معنا اليوم؟ ما رأيك فيما سينقله، مشاركة القائم بالأعمال الامريكي في ارتريا في هذه المحطة التلفزيونية المعارضة، إلى الناس داخل إريتريا؟
ستيفن،
هناك مفاهيم دأبت وزارة الإعلام الارترية على تكرارها منذ فترة طويلة، وهي مفاهيم تقوض صوت الشعب الإريتري. كما قلت، فإن مستقبل إريتريا لا يقرره إلا الارتريين، والرغبة الوحيدة للولايات المتحدة والدول الأخرى هي أن تتمنى الأفضل لشعب إريتريا. شيء واحد علينا القيام به، مع ذلك، هو الاعتراف بالواقع، كل إريتري في المنفى وفي الوطن يعرف الحقيقة، ويعرف تمامًا ما يعنيه العيش في إريتريا الحالية، وكما كررت في مناسبات مختلفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي فعاليات مثل هذه الذي أتحدث اليكم منها اليوم، يجب أن تنقل الحقيقة. أنا أعلم، في الواقع، أن الحكومة الإريترية ستصف حديثنا بأنه جزء من مؤامرة أمريكية لتغيير النظام في إريتريا، بالمناسبة الولايات المتحدة ليس لديها رغبة أو خطط لتغيير النظام في إريتريا. ورغبتنا هي أن نرى إريتريا أفضل مما عليه الان. أن نرى فيها حكومة يحكمها القانون، على الأقل إعادة الخدمة الوطنية اللانهائية إلى مدتها الزمنية المتعارف عليها، لماذا يُجبر المواطنون على العيش في عبودية دائمة. لماذا لا يجب استبدال هذا الاستغلال الذي لا يجلب التنمية بسياسات اقتصادية واضحة وخاضعة للمساءلة. هذا ما لا أفهمه إطلاقا!!
نحن لا نقول إن الخدمة الوطنية يجب أن تتوقف، لأن من حق وواجب أي دولة حماية حدودها وسيادتها والدفاع عنها. يجب أن نتذكر أيضًا أن الولايات المتحدة تحترم سيادة إريتريا وسلامتها الإقليمية وحدودها.
ليلى
القائم بالأعمال الامريكي في إريتريا، السيد ستيفن، شكراً لوجودك معنا هنا وطرح أفكارك وآرائك. آمل أن أراك في مناسبات أخرى. نعتذر لبعض مشاهدينا الذين لم نتمكن من الإجابة على أسئلتكم بسبب ضيق الوقت!
هينوك،
أنا أيضا اود ان اشكرك. كثير من الناس يقدرون باستمرار مساهماتك داخل إريتريا. ربما علمت الان ان أناس كثيرون يوصفوك “بصوت المحرومين”. نحن فخورون جدا بك وراضون بمساهمتك، ونتمنى لك مواصلة مساهمتك. نعتقد أن المبادرة الأمريكية جديرة بأن يتبعها آخرون، ولذلك نأمل أن تحذو السفارات الأخرى القائمة في إريتريا حذوك. كما تعلم ان شعبنا محروم من فرص التعبير عن أراءهم ومشاكلهم واحتياجاتهم ولذلك فهو بحاجة الى من يتحدث عنهم من الداخل.
أخيرًا – أشكرك باسمي ونيابة عن جميع زملائي على حضورك هذه الفعالية دون خوف او وجل مما قد يترتب عليها، أكثر من ثلاثة آلاف شخص يشاهدون هذه المقابلة على اليوتيوب والفيسبوك ومئات آخرين هم حضور بيننا في هذه الفعالية ويقدمون لك الشكر.
هناك عدة أسئلة من الجمهور لم نطرحها لضيق الوقت. مرة أخرى، أود أن أشكرك وأعضاء السفارة الأمريكية الذين عملوا بجد لجعل هذه المقابلة ممكنة.